كلمة المحرر
بفضل مساعي خادم الحرمين الشريفين المتّصلة و وساطة مصر
العربيّة
"حماس" و"فتح" قاربتا التوصل إلى الاتّفاق
يوم الثلاثاء : 29/سبتمبر 2009م (9/شوال 1430هـ بالتقويم
الهندي) نشرت وسائل الإعلام من القاهرة عاصمة جمهورية مصر العربيّة أن كلاًّ من
منظمة "حماس" و حركة "فتح" عاهدت بإنهاء الخلافات فيما بينهما، وأنهما
ستُوَقِّعَانِ في أواخر أكتوبر 2009م على اتفاقيّة نهائيّة فيما بينهما. وأفادت أن
قائد "حماس" الشيخ خالد مشعل صَرَّح بأن "حماس" رضيت بتوقيع
معاهدة تفاهم مع حركة "فتح" المعارضة وأنّه إذا تَمَّ حسمُ الأمور المُتَنَازَع
عليها فإنّه مع قادة "حماس" الآخرين سيعود إلى القاهرة في أواخر أكتوبر القادم
ليوقّع بتوسط مصر على معاهدة مع "فتح" .
ورغم أنه لم يتمّ حسم عدد من الأمور المتنازع
عليها بين الطرفين، من اطلاق سراح المُعْتَقَلِين من أعضاء طرف لدى الآخر، والسماح
من قبل أحد الطرفين للآخر لخوض الانتخابات المُزْمَع عقدها في 2010م في مناطق
سيطرة كل منهما، وإعادة انتشار كتائب الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في منطقة "غزة" التي هي تحت
سيطرة "حماس" .. إلاّ أن قائد "حماس" الشيخ خالد
مشعل أشار إلى أنه وزملاءه في القيادة اتفقوا مع "فتح" مبدئيًّا على
توقيع معاهدة صلح في الشهر القادم .
ومن المعلوم أن منظمة "حماس" الإسلاميّة
وحركة "فتح" العلمانيّة ظلّتا في عداء شديد أدّى إلى الاقتتال وسقوط
قتلى وجرحى من الطرفين؛ واعتقال كل منهما لنشطاء الآخر والزجّ بهم إلى السجون
وتعذيبهم داخلها. وقد كان ذلك لاختلاف شديد في وجهة نظر كل من الطرفين؛ حيث إن "حماس" تؤمن بمقاومة
العدوّ الصهيونيّ بكل ما تتوصّل إليه من الطوب والحجر والأسلحة اليدويّة الخفيفة
والصواريخ البسيطة التي يعملها أعضاؤها بأيديهم، اعتقادًا منها جازمًا أنّ الطريق
إلى تحرير الأراضي المحتلة من قبل العدوّ، هو الجهاد والمقاومة بكل طريق. أمّا
حركة "فتح"
العلمانيّة فهي ترى أنّ الطريق إلى العيش تحت ظلّ العدوّ وسيطرته هو الصلح معه،
وخوض مسلسلات السلام والاستسلام لديه، والاعتراف بالأمر الواقع، رغم أنّها
جَرَّبَتْ ولاتزال وستظلّ – كالفصائل الفلسطينية الأخرى وعلى رأسها
"حماس" – أن محاولات الصلح مع العدوّ، وخوض مسلسلات السلام وتوقيع
اتفاقيات عديدة معه لم تؤد إلى نتيجة إلاّ إلى أنّ العدوّ صار أقوى من ذي قبل،
وأصبح يبتلع البقيّة الباقية من الأراضي، وغدا يمارس العدوانَ بشكل أقسى، ولم
تلتزم بأيّ بند من البنود التي جاءت في الاتفاقيّات، وأنّه عاد يمارس في وقاحة
أشدّ المراوغةَ والخداعَ وإخلافَ الوعد وخرقَ جميع القرارات الأمميّة، علمًا بأنّ
راعيه الأمريكي والأروبي يقف دائمًا بجانبه، ويكيل بمكيالين: مكيال للعرب
والمسلمين ومكيال لإسرائيل، ولا يلوح في الأفق أمل بأنّ الموقف سيتغيّر، وأن
العدوّ سيتعامل في المستقبل بأسلوب غير الذي التزم به منذ أكثر من ستين عامًا .
هذا الاختلاف الشديد في وجهتي نظر الطرفين،
ظلّ العامل الأكبر في الصراع بينهما لحدّ العداء والاقتتال الذي ظلّ يشعله طبعًا
العدوّ الصهيوني ومن ورائه أمريكا والغرب، من خلال تأييدهما و دعمهما المادّي
والمعنويّ لفتح العلمانية التي يريانها قريبة منهما وعميلةً لمصالحهما ومصالح
إسرائيل .
والصراعُ بين الفصائل الفلسطينيّة ولاسيّما
"حماس" و"فتح" بينما يرجع إلى الاختلاف المبدئيّ بينهما، إذ
يرجع كذلك إلى محاولات إسرائيل وأمريكا والغرب لإثارته دائمًا بكثير من الأساليب
والمواقف التي لا تخفى على الخبراء والمحلّلين حتى من أبناء الغرب .
والاتّفاق المبدئي الذي توصّل إليه الطرفان
الفلسطينيان بوساطة جمهورية مصر العربيّة، وبالمساعي العديدة المشكورة التي ظلّ
يبذلها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك المملكة العربيّة
السعوديّة، استبشر به المسلمون والعرب في العالم كلّه؛ لأنّ ذلك سينقذ الطرفين من
الاقتتال والتصارع ويُوَحِّد الجهود لخدمة القضيّة الفلسطينية والفلسطينيين الذين
طال عليهم ليل الظلم والبغي والعدوان، دونما جريرة منهم إلاّ أنهم مسلمون وسكان
فلسطين العربيّة الإسلاميّة التي ستعود إليها عروبتها وإسلاميتها فاعلتَين فعلَهما
كالماضي وسالمتَين غيرَ مخدوشتَين ولا منقوصتَين بإذن الله. "وَالله غَالِبٌ
عَلى أمرِه وَلـٰـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُوْنَ" [التحرير]
(تحريرًا في الساعة 4 من
مساء يوم الإثنين : 15/شوال1430هـ = 5/ أكتوبر 2009م)
ذو القعدة
1430 هـ = نوفمبر 2009 م ، العدد : 11 ، السنة : 33